موهبة الغباء

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

على طاولة مكتب أحد الأصدقاء ، كان ثمة لوحة زجاجية صغيرة مرسوم عليها صورة حمار ضاحك وتحته عبارة " الغباء موهبة " ، قال لي أنه شاهدها في أحد المتاجر الفنية في بغداد في التسعينيات ، فأعجبته الفلسفة الكامنة وراء تلك العبارة

لا شك أننا نعتبر أن المواهب هي هبات من الخالق اختص بها البعض فأظهرت تميزهم في مجال فني أو أدبي أو فكري أو رياضي ولذلك دعوا بالموهوبين ، أما أن يكون الانسان موهوبا بالغباء فهذا أمر منكر

لكن لو أمعنت الفكر لوجدت أنك قد تحسد شخصا ما لعدم معرفته أمورا أقضت مضجعك وأشقاك اطلاعك عليها ، وتتمنى لو أنك تملك موهبة الغباء تلك التي قد تحجب عنك معرفة أمور لا تستطيع لها دفعا ، ولمجريات يدلك إدراكك على قرب وقوعها ولا تملك لها منعا

على المستوى الفردي ، كم من معارفك من ترى سوء تدبيره لأمره وقلة إدارته ، ويشكو لك سوء حظه في هذه الدنيا ، تقول له إن أعطيتك سمكة ستتعشى هذا اليوم لكن إن أعطيتك سنارة وعلمتك الصيد ستتعشى كل يوم ، تراه يقول لك معاتبا : كنت أظنك ستمد لي يد العون .. شكرا لا أحب صيد السمك ، تشعر بالانسحاق ألما عليه لأنك تدرك أنه لن يتجاوز مشكلته طالما أنه يفكر على هذا النحو ، أما هو فلن يتألم مثلك بل سينام ملء جفونه ولن يرهق عقله بالتفكير في الحل لأنه مقتنع أن المسألة لاتعدو كونها سوء طالع والأمر قسمة ونصيب ، أنت شقي بمعرفتك أما هو سعيد بغبائه ... أليس الغباء بموهبة إذن !!؟؟

أختم بقول " برناردو شو " : لا تناقش عاشقا ولا متعصبا ، فالأول قلبه أعمى والثاني عقله مغلق